قصيدة" قمة البؤس" للشاعر خالد الباشق

قمة البؤسِ

في قمةِ البؤسِ كلُّ الكونِ لا يكفي
عما شعرتُ به في لحظةِ الضعفِ

رأيتُ كلَّ سنيني بالهوى احترقت
وليس يعرفُ مَن أحببتُ ما أخفي

أبكي بعينِ فؤادي لم أرد أبداً
أن يبصرَ الحزنَ في عيني وفي كفي

أنا تمزقتُ والأحلام في نظري
أمست سراباً ولن يكفي لها وصفي

وكنتُ لا شيءَ في الدنيا ومذ عرفت
روحي محبتهُ قد صار لي نصفي

وفيهِ كلُّ حياتي بالهوى اكتملت
ونلتُ منه حنانَ القلبِ بالعطفِ

فكنتُ أسعدَ إنسانٍ برفقتهِ
واسطاع بالحبِّ من كفِّ الأسى خطفي

فذقتُ بين يديهِ الشهدَ منتشياً
ومدَّ لي العونَ عشقاً واحتوى خوفي

وبين كرٍّ وفرٍّ في محبتنا
عشنا صراعاً من الأشواقِ والعصفِ

والآن روحي كنخلِ البيدِ واقفةٌ
لكن تجرّدتُ من عذقي ومن سعفي

وكنتُ عنترةً بالعشقِ ما عرفت
روحي الخضوع ..ولكن كسرّوا سيفي

تكاتفوا كي أنالَ الذلَّ من يدهم
فما ذللتُ ولكن حققوا حتفي

فمتُّ لحظةَ ان أبصرتُ لهفتهم
معًا لبعضٍ ووحدي عشتُ في لهْفي

والله ما كنتُ في يوم أخاصمهُ
الا وعدتُ لهُ كالطفلِ في الصفِّ

أقولُ يا من هداهُ الله لي وطناً
وفي هواهُ تناها للهوى حرفي

واليوم أعلنُ للعشاقِ أجمعهم
عن خيبة القلبِ قبل الفضحِ في كشفي

قد كنتُ وردةَ حبٍّ فجأةً ذبلت.
يداهما قد تمادت فاشتهوا قطفي

وصرتُ كاللعبةِ الجوفاء صامتةً
غطّى الترابُ سناها في خنا الرفِّ

فليس لي بعد أن أهديتهُ قدري
الا الحماقة من عشقي ومن سخفي

أنا الذي نلتُ أقسى صفعةٍ بيدٍ
كانت تضمّدُ جرحي ساعة النزفِ

أنا القتيلُ الذي قد مات من كمدٍ
أنا الغريبُ .. بدينا قاتلي.. منفي

لا حبَّ في الأرضِ هذا كلهُ كذبٌ
وكم ملأتُ بأوهام الهوى جوفي

كأنني حاتم الطائي موقفهُ
لا شيءَ في القِدرِ - فاوصف خيبةَ الضيفِ

كأنني شاطئٌ والموج يوعدني
مع الرياح ليمحو غاضباً جرفي

أمسى وجودي لديهم بالهوى عدماً
وقد تركتُ حياتي بعدهم خلفي

خسارتي ليس عمراً لا ولا وطناً
مثل الحسين أنا في وقعةِ الطّفِ

ما عشتُ يومْا كهذا الحزنِ مزّقني
وكان ساعتها في غايةِ العنفِ

فسرتُ فوق صحاري الحزنِ أندبها
ولا متاعَ وحافٍ في جوى الصيفِ

فليسمع الله شكوى القلب تحرقني
ولتسمع الناسُ من ناي الردى عزفي

خالد الباشق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة (سبحان الذي سواك) للشاعر ابو مظفر العموري

قصيدة (إذا) للشاعر احمد عبد الحي

نص بعنوان( ليلة القدر في الشعر العربي) للد. بابكر مجذوب محمد